الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
127223 مشاهدة print word pdf
line-top
مسألة: قول ابن مسعود - رضي الله عنه - في الأسماء والصفات

وقوله:
( وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه اتبعوا، ولا تبتدعوا، فقد كُفيتم ) .


شرح:
وهذا أيضًا من الآثار التي يستأنس بها، فابن مسعود - رضي الله عنه - من أجلاء الصحابة، أسلم قديمًا، وهاجر، ونفع الله بعلمه، وزكاه عمر رضي الله عنه، وقال: ( كنيف مُلئ علمًا )، وأرسله إلى العراق وكان له تلامذة في الكوفة يأخذون برأيه، وحفظوا عنه علمًا جمًّا، توفي سنة ( 32هـ ) في خلافة عثمان .
قوله: ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ): اتبعوا من قبلكم؛ يخاطب تلامذته، وتلامذته لم يكونوا من الصحابة، ولم يدركوا زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإما أنهم من مسلمة العراق الذين ما أسلموا إلا في خلافة عمر أو في خلافة عثمان، أو من المهاجرين من أهل اليمن ونحوهم، فهو يوصي أولئك، فيقول: اتبعوا صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم، واقتدوا بهم، ولا تحدثوا في الدين ما لم يأذن به الله، ولا تُشرعوا ما لم يكن في الشريعة، ولا تكونوا من الذين قال الله فيهم شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ( الشورى:21 ) فإن الله تعالى أكمل الدين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا حاجة إلى بدع تضاف إلى هذه الشريعة، فقد كُفيتم، يعني: كفاكم مَن قبلكم حيث حملوا الشريعة، وبيَّنوها وبينوا لكم ما تقولونه بألسنتكم وما تعتقدونه بقلوبكم، وما تعملونه بأبدانكم فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات، وفيما يتعلق بالأخبار والنقول، وفي ذلك كفاية.
وفي الأثر الآخر أنه قال: من كان مُسْتَنًّا فليسْتَنّ بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، ولحمل دينه؛ فاعرفوا لهم حقهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم تزكية منه رضي الله عنه للصحابة، وأمر لمن بعدهم أن يقتدي بهم، وأن لا يبتدع من قِبَل نفسه، وكأنه استشعر أن هناك من سوف يقوم ببدع، وقد نقل هو أيضا تحذيرًا عن بعض البدع كبدعة الخوارج، فإنه روى بعض الأحاديث التي فيهم مع كونه مات قبل أن يخرجوا.
ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أصحابه بكثرة البدع وبكثرة الاختلافات، ففي حديث العرباض الذي ذكرنا يقول صلى الله عليه وسلم: إنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا يعني: من طالت حياته فسيرى اختلافًا كثيرًا، وقد وقع هذا الاختلاف، أوله: خلافهم على عثمان حتى قتلوه، ثم خلافهم فيما بينهم حتى حصلت المعارك، ثم خروج الخوارج، وقتالهم من لقوه من المسلمين، ثم بعد ذلك خروج القدرية وخروج الرافضة، وهكذا البدع التي خرجت.
فابن مسعود رضي الله عنه يقول: ( اتبعوا مَن قَبلكم، ولا تبتدعوا مِن قِبَلِ أنفسكم - يعني: في الشريعة - وتتعبدوا بالبدع، فقد كُفيتم )أي: قد وضحت الشريعة لكم فاقتصروا عليها.

line-bottom